مساحة للنقاش سؤال الدستور في الوطن العربي-يونس إمغران (المغرب)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مساحة للنقاش

مساحة للنقاش
سؤال الدستور في الوطن العربي

  يونس إمغران    

نشاهد من حين لأخر عبر شاشة التلفاز، و من خلال البث المباشر أو المسجل، مسيرات احتجاجية في شوارع كثير من العواصم الغربية، تطالب بوقف الحرب هنا و هناك، أو تندد بمؤتمرات الدول الثمانية ( مؤتمر العشرين حاليا ) ، أو تحتج على مؤتمرات منظمة التجارة العالمية، و غيرها من الأحداث التي ترى فيها عناوين عريضة للبيرالية المتوحشة، و العولمة اللاأخلاقية.. لكننا لم نرى قط مظاهرات و مسيرات في شوارع هذه العواصم تطالب بإصلاحات دستورية، أو تطعن في نتائج الانتخابات، أو تشكو من التضييق على الحريات الفردية أو الجماعية. لكنه بالمقابل، لا تقف عندنا الحناجر في الوطن العربي، بل و في عدد كبير من الدول الإسلامية عن رفع أصواتها، و لا تصاب السواعد بالعياء من حملها للافتات عليها شعارات و مطالب، تدور و تحوم حول تغيير الدستور، و إصلاح مقتضياته، و إضافة بنود و مواد و فصول إليه، بهدف تقويم اعوجاج الحياة السياسية، أو ضبط إيقاع التوازن بين السلط، أو سن صلاحيات جديدة لمؤسسات و هيآت منتخبة، أو تقوية دور الجهاز الحكومي، أو سحب نفوذ و مهام من رئيس الدولة ... أو أو أو. إن سؤال الدستور بالوطن العربي صيغ منذ أكثر من قرن، في الوقت الذي تجاوزته أروبا و أمريكا.. فهل يمكن القول، أنه لهذا السبب – فضلا عن مئات من الأسباب الأخرى – تأخرنا عن ركب الحضارة والتحديث، و تقدموا هم في نيل العلا و تسلق الأعالي، و في تحقيق الرخاء الاقتصادي، و الاستقرار السياسي، و التضامن الاجتماعي ؟ إن المطالبة بإصلاحات دستورية في هذا البلد أو ذاك، لا تعني في جوهر الأمر، سوى الدعوة إلى المشاركة – حكاما و محكومين – في البناء الديموقراطي، بما يعنيه من انتخابات حرة و نزيهة، و التناوب على السلطة، و التداول عليها سلميا، و العدالة في توزيع الثروات و التمتع بها، و إقرار مواطنة كاملة و متساوية في الحقوق و الواجبات، و فعالة في صناعة القرار بمختلف حمولاته الوطنية.. و مادامت – إذا - هناك مطالبة بالإصلاح و التغيير، فإن ذلك معناه و لا ريب، هو أن دساتيرنا معطوبة، و قاصرة عن تلبية الحاجيات الديموقراطية المنشودة. رغم أن الوثيقة الدستورية في الوطن العربي، تبقى غنية في عدد من مقتضياتها و فصولها.. لكن الذي يعيبها، هو أنها وثيقة نظرية، لا تتجاوز الحبر الذي كتبت به، و لا تستطيع بالتالي مغادرة دفتيها الأنيقة و المسفرة، إلى واقع الحركة و التفاعل.. أي أنها لا تصنع المواطنة الحية، و لا تقيم على الأرض مؤسسات و هيآت عملية، و لا تبدع وسائل مادية و لوجيستيكية، تنشط السلطة بأشكالها المتعددة، و تحمي الحياة العامة من الانحراف و الاستبداد و الفساد و التفقير. غير أن أبرز خلاصة يثيرها سؤال الدستور، هو أن الوثيقة الدستورية بالوطن العربي، لا تضعها هيآت منتخبة عبر استيعاب تجارب الوطن الذاتية التاريخية و العصرية، في صياغة المفاهيم و الآليات السياسية، و من خلال استحضار أعمال الآخرين و تجاربهم في تأسيس سلطاتهم.. و إنما تمنح هذه الوثيقة بدون أية مشاركة أو استشارة مع المواطنين و مجتمعاتهم المدنية.


 


يمكن المشاركة في الموضوع على الرابط التالي:


http://arforum.aladabia.net/viewtopic.php?id=66



 
  يونس إمغران (المغرب) (2009-12-07)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

مساحة للنقاش
سؤال الدستور في الوطن العربي-يونس إمغران (المغرب)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia